السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــهكــل عــام وأنــتم بخــيرمبارك عليكم الشهروينعاد علينا و عليكم بالصحة والعافية إن شاء اللهبمناسبة شهر رمضان الفضيلأردت أن أشارككم مقالي الذي كتبه عن القرآن الكريــم وأفتبست بعض الأشياء مما يسر ليأسأل الله أن يكون سببا في هداية شخص هداه اللــه تعالىأو تستفيدوا منه في أي أمر كان.."شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى أصحابه وآل بيته الكرام الميامين..أما بعد:
كان سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين ؛ لذا أيَّده الله عزَّوجلَّ بمعجزة تختلف عن المعجزات التي أوّيد بها الأنبياء من قبل وهي ما تعرف بمعجزة الإسلام الخالدة ألا وهي القرآن الكريم.
القرآن الكريم:هو كلام الله عزوجل المنزَّل على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- المبدوء بسورة الفاتحة , والمختوم بسورة النَّاس , المتعبَّد بتلاوته , والمقروء في المصاحف.
وقد جعل الله سبحانه وتعالى قراءة القرآن الكريم عبادة واجبة على كل مسلم وذلك ؛ لأنَّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للتَّشريع الإسلامي ؛ ولأنَّ العبد مأمور شرعًا بتلاوة القرآن الكريم وتدَّبر آياته , وفهم معانيه, واستخراج أحكامه وحكمه.
لذا لابد أن يكون توجّه المسلم للقرآن الكريم من أولويات المسلم في هذه الحياة.
فما أجر المشتغل بالقرآن الكريم تلاوةً , حفظًا , وتدبرًا؟
لو نظرنا في الكون بأكمله والله ما نجد أحد أطهر , ولا أنفس , ولا أفضل , ولا أحسن من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتلون كلامه , ويتدبَّرون فيه بل , ويكرَّمون حفظة القرآن يقول النَّبي r:"إنَّ من إجلال الله إكرام حافظ القرآن.." (إنَّ من إجلال الله) من إجلالك وتعظيمك لربك وإعزازك لقدره أن تجلَّ وتكرم حافظ القرآن.وقد بيّن صلَّى الله عليه وسلم أنَّ الله تبارك وتعالى يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين. فلمّا أسلم قوم عمر بن سلمة أرسلوا إلى النَّبي صلَّى الله عليه وسلم يطلبونه أن يرسل إليهم من يصلّي بهم فقالr:"يصلّي بكم أحفظكم لكتاب الله"فنظروا فإذا ليس أحفظ لكتاب الله في القوم كلهم سوى صبيِّ صغير يبلغ من العمر سبع سنوات وهو عمر بن سلمة.
وكان النَّاس من شدَّة فقرهم آنذاك يلبسون إزارًا ولا يلبسون تحته سراويل , فتقدّم الصبيُّ ليصَّلي بالنَّاس , وعندما ركع هبَّت الريح فحركت إزاره حتى كشفت عورته , وإذا بإمرأة مقبلة للصلاة ترى عورته فتقول: "غطّوا عنّا إستقاريركم" فيقول:" جمعوا لي مالًا واشتروا لي به سراويل" , فكانت فرحته بالسراويل يومئذٍ أعظم من فرحته بالإسلام وذلك لأنَّه طفل صغير لا يفقه مسألة الإسلام والدِّين , لكنّه يفقه ما يلبسه دون غيره من الغلمان الذين في سنّه.فنرأى أنَّ الله عزَّوجلَّ رفع بهذا الكتاب قوم عمر بن سلمة لمّا أسلموا.
ويقول النَّبي محمدr:"يقال لصاحب القرآن يوم القيامة:إقرأ وارتق ورتِّل كما كنت ترتَّل في الدُّنيا فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها".فقد بيَّن النَّبيr أنَّه كلمّا قرأت آية رقيت درجة , فتخيَّل منزلتك بعد حفظك لكتاب الله عزَّ و جلَّ كاملًا.
كذلك القرآن الكريم يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة, فإذا بلغت النفوس الحناجر,واضطرب أمر الناس,ووضعت كل حامل حملها, وغفلت كل مرضعة عمَّا أرضعت, يأتي القرآن شفيعًا لأصحابه, ويقول النَّبيr:"تأتي البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان , أو غيايتان , أو فرقان من طير صوافّ تحاجّان عن صاحبهما".(تحاجَّان):من الحجِّة والبيان, فعندما يسأل لمَ قصرت؟ لمَ تركت؟ لمَ فعلت؟ فإن القرآن الكريم يدافع عنه ولا يتركه..
وقد تكَّفَّل الله تبارك وتعالى بحفظ القرآن الكريم, فلا تجد اليوم أحدًا يحفظ الإنجيل كاملًا, ولا أحد يحفظ التوراة كاملة, لكن لو نظرت للقرآن الكريم تجد أطفالًا أعاجم لا يفقهون كلمةً من العربية ويتقنون تلاوة القرآن الكريم..
لقد جاء القرآن الكريم بكلام لا هو شعر , ولا هو نثر, بل هو قرآن حكيم لا نستطيع أن نقول عنه شيئاً آخر.هو معجزة النَّبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه المعجزة التي امتازت عن غيرها بأنها دائمة على مرّ العصور والأزمان , وغير منقطعة بموت النَّبي كما في المعاجز الأخرى السابقة للأنبياء السابقين , فقد كانت مؤقتة ضمن ظروف زمانية ومكانية محدودة ؛ لأن رسالتهم كانت محدودة إلى زمن معيّن، بينما القرآن الحكيم:هو معجزة الله في كل زمان وكل مكان , فهو المعجزة الخالدة التي أثبتت وأكدت معاجز الأنبياء من قبل , وتحدّت الفنون والعلوم على مرّ الزمن ما دام الله سبحانه أراد للرسالة الدوام إلى قيام الساعة منهجاً دائماً للبشر.
كانتِ البشريةُ تعيش في ظلام دامس، وليلٍ بهيم، لعبتْ بعقولها الانحرافات والخُرافات، حتى أكرمها الله وأنزل عليها القرآن، لِيُخرجَها من الظلمات إلى النور، ومن الخضوع للأوثان والأصنام إلى الخضوع الكامل للواحد الديَّان، وإنَّ المتطلِّعَ اليوم في واقع كثير من الناس وسط أجواء المتغيِّرات المتكاثرة، والرُّكام الهائل من المصائب والبلايا، يلحظُ بوضوح حاجةَ النفوس إلى تحصيل ما يُثبِّت قلوبها، ويطفئ ظمأَها، ويجلو صدأها، وذلك كلُّه موجود في كتاب الله - عزَّ وجلَّ - ذلكم الكتاب الذي جعله الله - سبحانه وتعالى - عُمدةَ المِلَّة، وآية الرِّسالة، لا طريق إلى الله سواه، ولا سبيلَ إلى النجاة بغيره، فهو سلوة الطائعين، ودليل السالكين، ولذَّة قلوب المتقين، كيف لا وهو كلام ربِّ العالمين، المنزل على سيِّد المرسلين، بلسانٍ عربي مبين.
وفي الختام أسأل الله أن يتقَّبل عملي هذا , وعسى أن أكون وفقت بكتابة هذا المقال.وعمومًا هي فكرة أردت المشاركة بها عسى أن تكون سببًا لهداية مهتدي هداه الله , وأرجو المعذرة إن أخطأت وأتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت إليكم..
سبحان ربِّك ربِّ العزِّة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين..